فعلم كل أحد باطلهم وخزيهم وضلالهم وعنادهم، عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة.
وسميت هذه المباهلة تمنيا، لأن كل محق يتمنى لو أهلك الله المبطل المناظر له، ولا سيما إذا كان في ذلك حجة له في بيان حقه وظهوره. انتهى.
واعلم أن النصراني - فيما تقدم من كلامه - قسم معجزات نبينا - صلى الله عليه وسلم - إلى ثلاثة أقسام: قسم زعم أنه مما أمكن فعله بحيلة مما تقوم به القوة البشرية، وأراد أن القرآن من ذلك.
وقسم زعم أنه من المحال كانشقاق القمر.
وقسم زعم أنه ليس عليه شهود.
وقد عرفت بما قدمناه الجواب عن القسم الأول، وأن البراهين القوية، والأدلة الصحيحة العقلية شاهدة أن القرآن غير مقدور للبشر، وأنه مما لا يمكن الإتيان به إلا بالوحي من الله عز وجل.
وعلى التنزل إلى أنه مما يمكن البشر الإتيان به فقد ثبت عجزهم عنه وظهر انقطاعهم، ويكون ذلك على هذا القول بصرف الله إياهم عن معارضته، كما صرف اليهود عن تمني الموت تصديقا لنبيه - صلى الله عليه وسلم - في إخباره أنهم لن يتمنوه أبدا. وكما صرف النصارى عن المباهلة، فقامت الحجة، وانقطعت المعذرة، وجاء الحق، وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا.