إنا قد بينا - فيما تقدم - أن النظر في الترجيح بين الشريعتين ساقط بعد ثبوت نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - وعموم رسالته، وأنه لا يبقى لطالب النجاة والسعادة إلا الإيمان به واتباعه مع الإيمان بجميع أنبياء الله ورسله، وألا يفرق بين أحد منهم.
ثم إذا نظرنا إلى كمال الشرائع وحكمتها وعظمة وصاياها، وجدنا شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - خير الشرائع وأفضلها من كل طريق من طرق التفضيل.
كما أن الذي جاء بها أفضل المرسلين وسيدهم في الدنيا والآخرة.
وكما أن ما جاء به من المعجزات أعظم مما جاء به موسى وعيسى وغيرهما من الأنبياء - عليهم السلام - فالذي جاء به من الدين والشريعة كذلك، فما جاء به من النوعين أعظم مما جاء به موسى وعيسى، وقد جمع الله له محاسن ما في التوراه والإنجيل.
ولهذا يقال: " إن موسى - عليه السلام - بعث بشريعة الجلال، والمسيح - عليه السلام - بعث بشريعة الجمال، ومحمد - صلى الله