للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقصود أن نصبه الترجيح بين محمد والمسيح -عليهما الصلاة والسلام- وشريعتيهما دليل على اعترافه بفضل محمد -صلى الله عليه وسلم- وشريعته، وهذا يلزم منه أن محمدا حق، ودينه حق، وإلا فأين النسبة بين الحق والباطل، والصدق والكذب؟ !.

فهذا الطريق في الترجيح إنما يتوجه مع الاعتراف بحقية كل من الشريعتين، كأن يرجح المسلمون ما هو الحق من أفضلية محمد -صلى الله عليه وسلم- على من سواه من الرسل، وشريعته على ما عداها من شرائع الأنبياء، مع الإيمان بأن كلا منهما من عند الله، وأن الله -تعالى- هو الذي فضل من شاء بما شاء، ورفع بعض الرسل فوق بعض درجات.

ولكنه لما كانت شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- شريعة باهرة، وفضائلها ظاهرة، لم يمكن الخصوم إلا الاعتراف بفضلها، وفضل من جاء بها، لما بهرهم من أنوار النبوة، وبهتهم من عظمة نواميس هذه الشريعة الكاملة التي اختارها الله لخيرته من خلقه ولأمته -خير أمة أخرجت للناس-، وجعلها حجة باقية إلى قيام الساعة، لا يتطرق إليها النسخ، ولا يعتريها التبديل والتغيير الذي وقع في الشرائع قبلها، فلا تجتمع هذه الأمة على ضلالة، بل لا تزال فيها طائفة على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>