إنه لم يكن له أب من البشر، وأما محمد فهو مولود على الطريق المعتاد به في الطبيعة.
وكان يشوع ذا صلاح تام في سيرته، حتى لم يطعن في عرضه بشيء. أما محمد فهو صاحب الغزاة والقتال، مغرما بالنساء، كثير النكاح. وكان يشوع قد ارتفع إلى السماء. وأما محمد فهو بقي محبوسا في القبر.
فمن ذا الذي لا ينظر أيهما أولى بأن يتبع ". هذا كلامه.
فنقول - وبالله التوفيق -:
لا ريب أن النظر في التفضيل إنما يكون بين شيئين متقاربين في الفضل مع ثبوت الفضل في كل منهما، فيكون النظر حينئذ نظر ترجيح، بحسب كثرة الفضائل والمحاسن في أحد الشقين.
ومعلوم أنه لا نسبة بوجه من الوجوه بين أنبياء الله ورسله وبين الكذبة على الله المتقولين، ولا بين الشرائع التي شرعها -تعالى-، وفرض فرائضها وحدودها على أكمل وجوه الحكمة والمصلحة، وبين مخترعات المخلوقين ومبتدعاتهم، إلا عند أهل الضلالة والجهالة، كهؤلاء النصارى الذين اتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل، وأضلوا كثيرا، وضلوا عن سواء السبيل.