ثم قد يكون في تتابع الآيات حكمة، فتتابع، كآيات محمد - صلى الله عليه وسلم - لعموم دعوته، فإن الأدلة كلما كثرت كان أظهر، فقد يعرف دلالة أحد الأدلة من لا يعرف دلالة الآخر، وقد يبلغ هذا ما لا يبلغ هذا، وقد يرسل الأنبياء بآيات متتابعة، ويقسي قلوب الكفار عن الإيمان، لينتشر ذلك ويظهر، ويبلغ ذلك قوما آخرين، فيصير سببا لإيمانهم.
كما في التوراة:" أنه يقسي قلب فرعون، ليظهر عجائبه وآياته ".
وكما صد المكذبين بمحمد - صلى الله عليه وسلم - حتى يسعوا في معارضته، والقدح في آياته، فيظهر بذلك عجزهم عن معارضة القرآن وغيره من آياته.
بخلاف ما لو اتبع ابتداء بدون ذلك، فإنه قد كان يظن أنهم قادرون على معارضته.
وكذلك - أيضا - يكون في ذلك من صبره وجهاده ويقينه وصبر أصحابه وأتباعه وجهادهم ما ينالون به عظيم الدرجات في الدنيا والآخرة.
وقد تقتضي الحكمة ألا يرسل بالآيات التي توجب عذاب الاستئصال، كما ذكره في كتابه العزيز، وكان الكفار يقترحون.