فانظر سيرة نبينا -صلى الله عليه وسلم- في المال تجده قد أوتي خزائن الأرض ومفاتيح البلاد، وأحلت له الغنائم، وفتح عليه -صلى الله عليه وسلم- بلاد الحجاز واليمن وجميع جزيرة العرب، وما دانى ذلك من الشام والعراق، وجبي إليه من جزيتها وأخماسها وصدقاتها ما لا يجبى للملوك إلا بعضه، وهادته جماعة من ملوك الأقاليم فما استأثر بشيء منه، ولا أمسك منه درهما، بل صرفه في مصارفه، وأغنى به غيره، وقوى به المسلمين.
وقال -عليه الصلاة والسلام-: «ما يسرني أن لي أحدا ذهبا يبيت عندي منه دينار إلا دينارا أرصده لدين» .
«وأتته دنانير فقسمها، وبقيت منها ستة، فدفعها لبعض نسوته، فلم يأخذه نوم حتى قام وقسمها، وقال: الآن استرحت» .
وبالجملة، فتفاصيل أخلاقه الكريمة وأوصافه العظيمة تقصر دونها الأفهام، وتكل عن تدوينها الأقلام، وإنما أثبتنا في هذا الفصل ما اقتضاه الحال على سبيل الاختصار في المقال جوابا عن قول المعترض:"وأكبر علاماتك اطراح اللذات البدنية" بما فيه مقنع لذوي الفطن والعقول الزكية.