ومن وجوه إعجازه كونه آية باقية ما بقيت الدنيا، محفوظا من التغيير والتبديل الواقعين في الكتب قبله، كما قال - تعالى -: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} . وقال:{لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} .
وسائر معجزات الأنبياء انقضت بانقضاء أوقاتها، ولم يبق إلا خبرها. والقرآن العزيز، الباهرة آياته، الظاهرة معجزاته، الذي هو أعظم من كل معجزة، وأبهر من كل آية باق على ما كان، غضا طريا لم يتغير منه شيء، بل كأنه منزل الآن، وجميع وجوه إعجازه التي ذكرناها ثابتة إلى يوم القيامة، بينة الحجة لكل أمة تأتي.
لا يخفى وجه ذلك على من نظر إليه، وتأمل وجوه إعجازه.
وما أخبر به من الغيوب يقع كل وقت على الوجه الذي أخبر به، حتى كأنه يشاهد عيانا، فيتجدد الإيمان، ويتظاهر البرهان، وليس الخبر كالعيان.
والنفس أشد طمأنينة إلى عين اليقين منها إلى علم اليقين، وإن كان كل عندها حقا.