للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعجب من عجز من شاهد المسيح عند إحياء الموتى؛ لأنهم لم يكونوا يطمعون فيه، ولا في إبراء الأكمه والأبرص، ولا يتعاطون علمه. وقريش كانت تتعاطى الكلام الفصيح والبلاغة والخطابة، فدل أن العجز عنه إنما كان ليكون علما على رسالته وصحة نبوته.

واعلم أن جمهور العلماء وأهل السنة على أن القرآن معجز بذاته، لا يصح أن يكون مقدورا للبشر، وأنه من باب الخوارق الممتنعة عن اقتدار الخلق عليها كإحياء الموتى، وقلب العصا، وتسبيح الحصى.

ومن قال: إنه مما تمكن مماثلته، وأنه لا يمتنع أن تأتي به القوة البشرية فهو يقول: أن الله - تعالى - صرف الناس عن معارضته، فالإعجاز في هذا ظاهر - أيضا - لأن الله - تعالى - لما دعا أهل الخطابة والفصاحة الذين يهيمون في كل واد من المعاني بسلاطة لسانهم، إلى معارضة القرآن، فعجزوا عن الإتيان بمثله، لم يخف على أولي الألباب أن صارفا إلهيا صرفهم عن ذلك.

وعلى الطرفين فعجز العرب عنه ثابت، فالإعجاز به حاصل.

ولكن الصحيح هو الأول.

{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} .

<<  <  ج: ص:  >  >>