نقصان حاله، وينفر الناس عن مقاله، فلما قال لهم -عليه السلام- هذا دل على أن ذلك النعت كان مذكورا في التوراة والإنجيل، وذلك من أعظم الدلائل على صحة نبوته.
ولكن أهل الكتاب كما قال الله -تعالى-: {لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} و {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} وإلا فهم - قاتلهم الله - قد عرفوا محمدا -صلى الله عليه وسلم- كما يعرفون أبناءهم، ووجدوه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل، لكنهم حرفوها وبدلوها، ليطفئوا نور الله بأفواههم، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
قال شيخ الإسلام أبو العباس: وقد ناظرنا غير واحد من أهل الكتاب، وبينا لهم تلك الدلائل، فأسلم من علمائهم وخيارهم طوائف، وصاروا يناظرون أهل دينهم، ويبينون لهم ما عندهم من الدلائل على نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- وهذا من الحكمة في إبقاء أهل الكتاب بالجزية؛ إذ هم من الشواهد والدلائل على نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وعندهم من الشواهد على ما أخبر به من الإيمان بالله واليوم الآخر ما يبين أن محمدا -صلى الله عليه وسلم- جاء بالدين الذي بعث الله به الرسل قبله.