المعنى الذي قررناه ما ختم به المثل من قوله:" ألم تقرؤوا هذا المرقوم ... " إلى آخره، فإنه إشارة إلى ما ورد في الفصل الثامن والعشرين من " صحيفة إشعيا " -عليه السلام-. ولفظه كما في بعض التراجم:" أن تلك الحجرة التي رفض البناؤون صارت رأس الزاوية، هذا هو عمل الرب، وهو في أعيننا عجيب ".
وقد ذهب النصارى إلى تأويل هذا النص في شأن المسيح -عليه السلام-، وهي دعوى باطلة؛ فإن سياق الكلام يأباه، والوصف يخالفه؛ فإن المسيح لم يكن في بني إسرائيل محتقرا ولا مرفوضا من حيث كونه من بني إسرائيل، وإنما يدل دلالة ظاهرة على محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي هو من بني إسماعيل، وهم كانوا مرفوضين عند بني إسرائيل مع كونهم إخوتهم، ولا يرونهم أهلا للفضائل.
وسياق الكلام يدل على أن تلك الحجرة كانت مرفوضة في زمان موسى والأنبياء بعده، والنصارى لا يدعون هذه الصفة في المسيح؛ فدل على ما قلناه.
وقيل: ما عبر عنه بالحجرة المرفوضة من أجل ما جرى لسارة مع إبراهيم - عليهما السلام - في شأن إسماعيل وأمه من أجل غيرة سارة؛ فنقلهما بأمر الله -تعالى- إلى مكة. فالله أعلم.