أنه إن كان إيمانكم به لأنه حق فقد وجب عليكم أن تؤمنوا بما أنزل على محمد، لأنه حق مصدق لما معكم، وحكم الحق الإيمان به أين كان، ومع من كان، فلزمكم الإيمان بالحقين جميعا أو الكفر الصريح، ففي ضمن هذا الشهادة عليهم بأنهم لم يؤمنوا بالحق الأول، ولا بالثاني.
وهذا الحكم في كل من فرق الحق، فآمن ببعضه، وكفر ببعضه، كمن آمن ببعض الكتاب، وكفر ببعض، وكمن آمن ببعض الأنبياء، وكفر ببعض، لم ينفعه إيمانه حتى يؤمن بالجميع.
ونظير هذا التفريق تفريق من يرد آيات الصفات وأخبارها، ويقبل آيات الأوامر والنواهي، فإن ذلك لا ينفعه، لأنه آمن ببعض الرسالة، وكفر ببعض، فإن كانت الشبهة التي عرضت لمن كفر ببعض الأنبياء غير نافعة، فالشبهة التي عرضت لمن رد بعض ما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- أولى ألا تكون نافعة، وإن كانت هذه عذرا فشبهة من كذب ببعض الأنبياء مثلها.
وكما أنه لا يكون مؤمنا حتى يؤمن بجميع الأنبياء، ومن كفر بنبي من الأنبياء فهو كمن كفر بجميعهم، فكذلك لا يكون مؤمنا حتى يؤمن بجميع ما جاء به الرسول، فإذا آمن ببعضه ورد بعضه فهو كمن كفر به كله.