للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: الكون بكلمة "كن" ليس مختصا بعيسى، بل هو عام في كل مخلوق، كما قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} .

أجيب بأنه لما كان السبب المتعارف مفقودا في حق عيسى -وهو الأب- كان اتصاف حدوثه بالكلمة أكمل وأتم، فجعل بهذا التأويل كأنه نفس الكلمة.

كما أن من ظهر عليه الجود والكرم والإقبال يقال فيه على سبيل المبالغة: إنه نفس الجود، ومحض الكرم، وصريح الإقبال، فكذا هاهنا.

وأما "من": في قوله {وَرُوحٌ مِنْهُ} فليست للتبعيض كما تقوله النصارى، بل لابتداء الغاية، كما في قوله: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} ، أي: من خلقه ومن عنده، فهو مخلوق من روح مخلوق.

وأضيفت الروح إلى الله -عز وجل- على وجه التشريف، كما أضيفت الناقة والبيت إلى الله في قوله: {هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ} ، وفي قوله: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>