بعضهم اتحاد اللاهوت بالناسوت، وامتزاجه به باتحاد النار والحديد، وتمثيل بعضهم ذلك باختلاط الماء باللبن، وتشبيه آخرين ذلك بامتزاج الغذاء واختلاطه بأعضاء البدن ... إلى غير ذلك من الأمثال والمقاييس التي تتضمن امتزاج حقيقتين واختلاطهما حتى صارتا حقيقة أخرى، تعالى الله عن كذبهم وإفكهم.
ولم يقنعهم هذا القول في رب السماوات والأرض حتى اتفقوا بأسرهم على أن اليهود أخذوه، وساقوه بينهم ذليلا مقهورا، وهو يحمل خشبته التي صلبوه عليها، وأن اليهود يبصقون في وجهه، ويضربونه، ثم صلبوه، وطعنوه بالحربة حتى مات، وتركوه مصلوبا حتى التصق شعره بجلده لما يبس دمه بحرارة الشمس، ثم دفن، وأقام تحت التراب ثلاثة أيام، ثم قام بلاهوتيته من قبره.
هذا قول جميعهم ليس فيهم من ينكر منه شيئا فيا للعقول! كيف كان حال هذا العالم الأعلى والأسفل في هذه الأيام الثلاثة؟ ومن كان يدبر السماوات والأرض؟ ومن الذي خلف الرب -سبحانه- في هذه المدة، ومن كان الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض وهو مدفون في قبره؟.
ويا عجبا! هل دفنت الكلمة معه بعد أن قتلت وصلبت أم فارقته وخذلته أحوج ما كان إلى نصرها له كما خذله أبوه وقومه؟، فإن