أو أن يقولوا: نحن وإن انتحلنا هذا الاسم فنحن على ملته، فأجيبوا عن هذا بقوله:{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} ، فهذه للمؤمنين.
ثم قال -تعالى-: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا} أي: فإن أتوا من الإيمان بمثل ما أتيتم به فهم على ملة إبراهيم، وهم مهتدون، وإن لم يأتوا بإيمان مثل إيمانكم فليسوا من إبراهيم وملته في شيء، وإنما هم في شقاق وعداوة، لأن ملة إبراهيم الإيمان بالله وكتبه ورسله، وألا يفرق بين أحد منهم، فيؤمن ببعضهم، ويكفر ببعضهم، فإذا لم يأت بهذا الإيمان فهم بريئون من ملة إبراهيم مشاقون لمن هو على ملته.
ثم قال:{فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} ، فهذا من أعلام نبوته -صلى الله عليه وسلم -، فإنه أخبر بكفاية الله له شقاق اليهود والنصارى وعداوتهم، فوقع كما أخبر، ومكنه الله من ديارهم وأموالهم حتى صاروا أذلاء تحت أمره وأمر أتباعه، فلله الحمد كما هو أهله.