فلهذا أقول: جف القلم على علم الله. ولذلك بعث الله رسله ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور، فمن أجابهم خرج إلى الفضاء والنور، ومن لم يجبهم بقي في الضيق والظلمة التي خلق فيها، وهي: ظلمة الطبع، وظلمة الجهل، وظلمة الهوى، وظلمة الغفلة عن نفسه وكمالها وما تسعد به في معاشها ومعادها، فهذه كلها ظلمات خلق فيها العبد، فبعث الله رسله لإخراجه منها إلى نور العلم، والمعرفة، والإيمان، والهدى الذي لا سعادة للنفس - ألبتة - إلا به.
فمن أخطأه هذا النور أخطأه حظه، وكماله، وسعادته، وصار يتقلب في ظلمات بعضها فوق بعض: ... {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} .
واعلم أن الله - تعالى - أيد الأنبياء بالمعجزات دلالة على صدقهم في دعوى الرسالة، فيجب تصديقهم في جميع ما جاؤوا به، لأن المعجزة مع التحدي من النبي قائم مقام قول الله - تعالى -: صدق عبدي فأطيعوه، واتبعوه، وشاهد على صدقه فيما يقوله.
ولما كان كلامنا مع من يثبت معجزات الأنبياء، وأنها تدل على صدقهم اكتفينا بهذه الإشارة في هذا المقام.