ومن تأمل ما تكلم به الأولون والآخرون في أصول الدين، والعلوم الإلهية، وأمور المعاد، والنبوات، والأخلاق، والسياسات، والعبادات، وسائر ما فيه كمال النفوس، وصلاحها وسعادتها ونجاتها، لم يجد عن الأولين والآخرين من أهل النبوات، ومن أهل الرأي كالمتفلسفة وغيرهم إلا بعض ما جاء به القرآن.
ولهذا لم تحتج الأمة مع رسولها وكتابها إلى نبي آخر وكتاب آخر، فضلا عن أن تحتاج إلى المحدثين المهلمين، أو إلى أرباب النظر والقياس الذين لا يعتصمون مع ذلك بكتاب منزل من السماء؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح:
" «إنه كان في الأمم قبلكم محدثون، فإن يكن في أمتي أحد فعمر» "، فعلق ذلك تعليقا في أمته، مع جزمه به فيمن تقدم؛ لأن