بين أن فيه من الحكمة انتشار آياته الدالة على صدق أنبيائه في الأرض، إذ كان موسى قد أخبر بتكليم الله له، وبكتابة التوراة له. فأظهر الله له من الآيات ما يبقي ذكرها في الأرض.
وكان في ضمن ذلك من تقسية قلب فرعون ما أوجب أن أهلكه وقومه أجمعين.
وفرعون كان منكرا لله جاحدا لربوبيته لا يقر به، فلذلك أوتي من الآيات ما يناسب حاله.
وأما بنو إسرائيل مع المسيح فهم مقرون بالكتاب الأول، فلم يحتاجوا إلى مثل ما احتاج إليه موسى عليه السلام.
ومحمد - صلى الله عليه وسلم - لم يكن محتاجا إلى تقرير جنس النبوة، إذ كانت الرسل قبله جاءت بما يثبت ذلك. وقومه كانوا مقرين بالله، وإنما الحاجة إلى تثبيت نبوته.
ومع هذا فأظهر الله على يديه من الآيات مثل آيات من قبله وأعظم.
ومع هذا فلم يأت بآيات الاستئصال التي يستحق مكذبها العذاب العام العاجل.
فلهذا بين الله - تعالى - أنها إذا جاءت لا تنفعهم، إذ كانوا لا يؤمنون بها، ولكن تضرهم، ومع وجود المانع وعدم المقتضي لا يصلح الفعل.