كذبوا بجميع آيات موسى وجميع آيات الأنبياء قبله، وكذبوا بجميع الآيات الدالة على وجود الرب - تعالى - وقدرته ومشيئته.
ثم قال:.... {أَكُفَّارُكُمْ} .... أي: أيتها الأمة ... {خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ} ... الذين كذبوا نوحا، ومن بعده ... {أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ} . وذلك كونكم لا تعذبون مثلهم، إما لكونكم خيرا منهم لا تستحقون ما استحقوا، أو يكون الله أخبر أنه لا يعذبكم، فإن ما يفعله الله تارة يعلم بخبره، وتارة يعلم بمشيئته، وحكمته وعدله، فإما أن تكونوا علمتم هذا من هذا الوجه، أو من هذا الوجه.
هذا إن نظر إلى فعل الله الذي لا طاقة للبشر به.
وإن نظر إلى قوة الرسول، فيقولون:{نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ} ، فإنهم أكثر وأقوى، فقال - تعالى -: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} .
وهذا أخبر به وهو بمكة في قلة الأتباع، ولا يظن أحد بالعادة المعروفة أن أمره يعلو قبل أن يهاجر ويقاتل، فكان كما أخبر، فإنهم يوم بدر وغيرها هزموا، وتلك سنة الله في المؤمنين والكافرين.
وحيث ظهر الكفار فلذنوب المسلمين التي نقصت إيمانهم.