" إنهم - يعني المشركين - عدوا على أسلم وبايع واتبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أصحابه، فوثبت كل قبيلة على من فيها من المسلمين، فجعلوا يحبسونهم، ويعذبونهم بالضرب والجوع والعطش وبرمضاء مكة إذا اشتد الحر.
فمن استضعفوا منهم يفتنونهم عن دينهم، فمنهم من يفتتن من شدة البلاء الذي يصيبه، ومنهم من يصبر، ويعصمه الله منهم.
فكان بلال - مولى أبي بكر - لبعض بني جمح، مولدا من مولديهم، وكان صادق الإسلام طاهر القلب.
فكان أمية بن خلف يخرجه إذا حميت الظهيرة، فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة، فتوضع على صدره، ثم يقول له: لا والله، لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد، وتعبد اللات والعزى.
فيقول - وهو في ذلك البلاء -: أحد أحد. حتى مر به أبو بكر الصديق يوما وهم يصنعون ذلك به، فاشتراه، وأعتقه ".