ما جاء من النبوة والكتاب، وشرع الجهاد وسيلة إلى إبلاغ الحجة وإيصال الدليل إلى المكلفين، فإن من كان على دين وجد عليه آباءه وأسلافه، وأشربه قلبه، وألفته نفسه لا يختار دينا غيره، ولا يلتفت إلى سواه، فلا يصغي إلى حجج الحق وبراهينه.
فكان من رحمة الله بعباده أن أمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالجهاد، لتبلغ الحجة مبلغها، فينذر من كان حيا، ويحق القول على الكافرين.
وأما قول النصراني:" ومن يلزم غيره بالتسليم له بوساطة التعذيب أو التخويف ... إلى آخره " فهو كلام ساقط، فإن الأنبياء - عليهم السلام - جاؤوا بالرسالة إلى الأمم مقرونة بالتخويف بالعذاب للمكذبين والإنذار للمخالفين، كما جاءت بالبشارة للمؤمنين والرجاء للمصدقين، ومنهم من جاء بالقتال.
وبنو إسرائيل لما امتنعوا من التزام أحكام التوراة - لثقلها عليهم - رفع الله جبلا فوق رؤوسهم، وقيل لهم: التزموا وإلا وقع عليكم الجبل.
كما قال - تعالى -: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} .
وقال - تعالى:{وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ} .... .