وأما على القول الثاني فلا ريب أن عبادات المسلمين أدعى إلى العدل الذي هو جماع الواجبات العقلية من عبادات غيرهم، فإنها متضمنة للظلم المنافي للعدل.
وأما على قول النفاة فمن تكون عباداته تابعة لأمر الله - تعالى - خير ممن عباداته قد ابتدعها أكابرهم.
وأما على القول الرابع فما علم أن الله أمر به يتضمن طاعته دون ما ابتدع، وأما انتفاع العباد بها فهذا يعرف بثمراتها، ومن ذلك آثارها في صلاح القلوب، فليتدبر العاقل عقول المسلمين وأخلاقهم وعدلهم، يظهر له الفرق.
فالصلاة فيها من الكمال والاعتدال كالطهارة والاصطفاف، والركوع والسجود، واستقبال بيت إبراهيم والإمساك عن الكلام، وما فيها من الخشوع وتلاوة القرآن واستماعه الذي يظهر الفرق بينه وبين غيره لكل متدبر منصف.
إلى أمثال ذلك مما يظهر به فضل عبادات المسلمين.
وأما حكمهم في الحدود والحقوق فلا تخفى على عاقل، حتى إن النصارى في طائفة من بلادهم ينصبون من يقضي بينهم بشرع المسلمين، وهذه جمل يطول تفصيلها.
وبما ذكرناه يعلم الجواب عن كلام النصراني في هذا الفصل على وجه الإجمال، ويتبين به أفضلية شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - على غيرها من شرائع الأنبياء عليهم السلام، كما أنه خيرهم وسيدهم في الدنيا والآخرة.