للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكل عاقل يستجهله ويستحمقه في فعله، إذ قد فعل مع عبد الملك ما كان ينبغي أن يختص به الملك دون عبيده من الإكرام والخضوع والتذلل. ومعلوم أن هذا إلى مقت الملك وسقوطه من عينه أقرب منه إلى إكرامه له، ورفع منزلته.

كذلك حال من سجد لمخلوق ولصورة مخلوق، لأنه عمد إلى السجود الذي هو غاية ما يتوسل به العبد إلى رضا ربه، ولا يصلح إلا له، ففعله لصورة عبد من عبيده، وسوى بين الله وبين عبده في ذلك، وليس وراء هذا في القبح والظلم شيء، ولهذا قال تعالى: ... {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} .

وقد فطر الله -سبحانه- عباده على استقباح معاملة عبيد الملك وخدمه بالتعظيم والإجلال والخضوع والذل الذي يعامل به الملك، فكيف بحال من فعل ذلك بأعداء الملك؟ فإن الشيطان عدو الله، والمشرك إنما يشرك به لا يوالي الله ورسوله، بل الله ورسوله وأولياؤه بريئون ممن أشرك بهم، معادون لهم، وهم أشد الناس مقتا لهم في نفس الأمر، إنما أشركوا بأعداء الله، وسووا بينهم وبين الله في العبادة والتعظيم والسجود والذل.

ولهذا كان بطلان الشرك وقبحه معلوما في الفطرة السليمة والعقل الصحيح، والعلم بقبحه أظهر من العلم بسائر القبائح ".

<<  <  ج: ص:  >  >>