للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دون حقل، ولا على اتجاه دون اتجاه. إنها لا تدع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله، فما لقيصر؟! وقيصر ذاته في العقيدة الإسلامية كله لله، وما لقيصر حق ليس للفرد من رعاياه. وإنها لا تتولى روح الفرد وتهمل عقله وجسده، أو تتولى شعائره وتهمل شرائعه، أو تتولى ضميره وتهمل سلوكه، وإنها لا تتولاه فردًا وتهمله جماعة، ولا تتولاه في حياته الشخصية وتهمل نظام حكمه أو علاقات دولته؛ إنها الفكرة الكاملة الشاملة التي تمتد خيوطها في الحياة الإنسانية امتداد الشرايين في الكائن الحي وامتداد الأعصاب

ج- ثم إن هذه السمة المميزة لثقافتنا في وحدة العقيدة "تطبع كل الأسس والنظم التي جاءت بها حضارتنا؛ فهناك الوحدة في الرسالة، والوحدة في التشريع، والوحدة في الأهداف، والوحدة في الكيان الإنساني العام، والوحدة في وسائل المعيشة وطراز التفكير؛ حتى إن الباحثين في الفنون الإسلامية قد لحظوا وحدة الأسلوب والذوق في أنواعها المختلفة: فقطعة من العاج الأندلسي، وأخرى من النسيج المصري، وثالثة من الخزف الشامي، ورابعة من المعادن الإيرانية، تبدو رغم تنوعها وزخرفتها ذات أسلوب واحد، وطابع واحد"٢؛ فلا غرو بعد أن تكون ثقافتنا الإسلامية من بين ثقافات الأمم كلها: "إنسانية النزعة والهدف، عالمية الأفق والرسالة، فالقرآن الذي أعلن وحدة النوع الإنساني رغم تنوع أعراقه ومنابته ومواطنه في قوله تعالى:

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} ٣


١ سيد قطب: "السلام العالمي والإسلام" ص٩.
٢ الدكتور مصطفى السباعي: "من روائع حضارتنا" ص٣١.
٣ الحجرات:"١٣".

<<  <   >  >>