للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوى التربية والعلم والثقافة إلى تكوين نزعة إنسانية كهذه؛ وذلك بالكشف عن قيم ومعانٍ مشتركة، تحت التعبيرات الخاصة، إن قيام تفاهم دولي ونزعة إنسانية جديدة، هو -من جهة- ضروري لنجاح التلاؤمات السياسية، كما أن هذا التفاهم وهذه النزعة الإنسانية الجديدة هما -من جهة أخرى- عنصران مهمان في مواصلة السعي إلى المعرفة، وفي إنضاج القيم الثقافية، وفي فن الحياة الطيبة.. هذا الفن الذي تعد المؤسسات الاقتصادية والسياسية تحضيرًا له وأساسًا

ب- إن الدعوة إلى نظام عالمي يعدل طبائع الشعوب بمكتسباتها العقلية والخلقية -كما ينادي بذلك رتشارد ماك كوين- والمناداة بإنشاء جامعة عالمية في المثل العليا لتكوين النزعة الإنسانية على أيدى قادة التربية والعلم والثقافة برعاية منظمة اليونسكو. إن مثل هذه الدعوة العجيبة التي لا يمكن أن تجد سبيلها إلى التطبيق بحال، والتي تعد ضربًا من أحلام الفلاسفة، تؤكد أن هذه النزعة الإنسانية -وهي إحدى سمات ثقافتنا الإسلامية- تشغل أذهان المفكرين ورجال الثقافة لدى الأمم في عصرنا الحاضر، ويحاولون جاهدين أن يعثروا عليها بعد أن فقدت تمامًا في هذه الحضارة المادية التي عصف تيارها المدمر بكل القيم الخيرة والمثل العليا.

إن النزعة الإنسانية لا يمكن أن تتحقق؛ إلا إذا اعتبرت شخصية الإنسان السوية وحدة متماسكة، تبنى على أساس عقيدة واحدة؛ فلا تصدر إلا عنها، ولا تستلهم في الشعور والسلوك سواها، ولا تستهدي في مواجهة الكون والحياة إلا وحيها، ولا ترجع في كل صغيرة وكبيرة إلا إلى توجيهها.."والعقيدة الإسلامية هي المثال الواحد الذي عرفته الإنسانية في تاريخها الطويل في هذا المجال؛ إنها العقيدة التي تتسع فتشمل كل نشاط الإنسان في كل حقول الحياة؛ فلا تقتصر مهمتها على حقل


١ المرجع السابق ص٤٢٥-٤٢٦

<<  <   >  >>