في ثورة المشاعر والنفوس في غير الموطن المناسب ما يلحق الأذى بالجماعة، ويمكن للعدو من الظفر والانتصار..
إن التصور الصحيح لطبيعة معركة الإسلام لا يدع جانبًا من جوانب الانحراف دون أن يخوض معه أبناء هذه العقيدة صورة من صور المعركة التي تتسم -حينًا- بتقويم الفكر، ورده إلى أصالته، وبنائه على أمتن الأسس وأرسخ الدعائم.. كما تتسم -تارةً- بمطاردة مفاهيم الانحراف، وأوضاع الفساد، لتهذيب النفوس، وتطهير الضمائر، والسمو بالأخلاق، وإصلاح المجتمع، وقطع دابر الفرقة والتناحر بين الصفوف، وإنقاذ البشر من الفوضى والاضطراب، والتشرد في سبلٍ ملتويةٍ لا تؤول بسالكيها إلا إلى الضياع والتمزق والدمار..
إنها معركة تصحيح جذري كامل لما كانت عليه حياة الناس في قبضة الجاهلية وأوضاعها السيئة، وتقاليدها المدمرة، وأحكامها الملتوية.. من ضلال في العقيدة، وانحلال في الخلق، وضياع لمقومات الوجود الإنساني، وعدوان على الضعفاء وهدر للحقوق، وإزهاق للنفوس.
٢- وإذا عرف المسلمون أن الإسلام يكلفهم درء الفتنة عن الدين، وحماية الحق من عبث العابثين، واستئصال جذور الشر من حياة البشر، وصيانة قيم الخير في الأرض، وإتاحة الفرصة للبشرية أن تنعم بظلال المبادئ السمحة الخيرة في كل ميدان من ميادين الحياة.. إذا عرفوا ذلك أدركوا بحقٍ أن عليهم أن يكونوا دائمًا على أتم أهبة، وأكمل استعداد، لمقاومة البغي، ومقارعة الظلم، ومنازلة قوى الشر، حتى لا تستذل الرقاب، ولا يشتد ساعد الباطل، ولا ينال من المسلمين عدو مهما كان من دينهم أو كرامتهم أو ديارهم. ولعل هذا هو الفرق العظيم بينهم وبين أعدائهم.. فهم إنما يخوضون معركتهم في سبيل الله، لا يبغون أن