أو تندفع مع التيار مهما بلغت شدته.. لم تقف تائهة مبهورة لا تدري أي طريق تسلك، أو تجمد مأخوذة حائرة لا تعرف ماذا تدع، وماذا تأخذ، بل خاضت معركتها بحزم وصبر وصدق وثبات، ونظرت في حضارات الأمم التي سبقتها أو عاصرتها، فأخذت منها وتركت، وأجازت ومنعت، ورفعت وخفضت من غير تأرجح أو اضطراب، ودون تخبط أو اهتزاز، وبلا جموح أو تفريط، وكانت في مواقفها كلها منسجمة مع المنهج الرباني، محتفظة بمقومات شخصيتها الإسلامية: عقيدة وعبادة، وسلوكًا ونظامًا، فهدت الركب الإنساني إلى الطريق السوي، وحذرته من المزالق، وبصرته بالعثرات، وأنقذته مما كان غارقا فيه من الفوضى والقلق والانهيار.
في ضوء هذه الحقيقة ينبغي أن يخوض أبناء هذه العقيدة معركتهم في كل جانب من جوانبها، ليواجهوا ما تُرْمَى به دعوتهم من غزوات، وما يقام في طريقها من عقبات، وما تواجه به من تحديات، معتصمين بجبل الله، واثقين بأحقية مبادئهم، وصحة مقاييسهم، ورائدهم في ذلك اتباع أمر الله، والسعي لما يحبه ويرضاه، ودليلهم تاريخ زاهر وضيء، حافل بالمكرمات، زاخر بالبطولات، وحسبهم في خطة السير، وروعة المنطق، وسمو الهدف قول الله تبارك وتعالى: