للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن الوجوه لمعركتنا اليوم كثيرة منها: السياسي والفكري، ومنها النفسي والخلقي ومنها الاجتماعي والاقتصادي.. ولكل واحد من جوانب هذه المعركة خطط وأسلحة، منها الظاهر والخفي، وبعضها هجومي وآخر دفاعي، تحشد لها منا ومن أعدائنا كل القوى والطاقات، ويجري التسابق لتحقيق الظفر والانتصار، وواضح أن محور كل معركة إنما يستند إلى البناء والهدم.. بناء الكيان الذاتي وتحصينه، وتوفير أسباب القوة والمنعة له، وهدم الكيان المعادي وتقويضه، بالعمل على إضعاف قوته، وتمزيق وحدته.

٢- وإن قضيتنا الأساسية الأولى التي دارت وتدور حولها كل المعارك في شتى صورها وأشكالها.. هي أننا منذ أكرمنا الله بالهداية فآمنا بالإسلام عقيدة وعبادة، وتشريعًا ونظامًا، ومنهجًا متكاملًا للحياة، وطريقًا لتحرير الإنسان من طغيان الجاهلية التي أذلت كرامته، وأهدرت إنسانيته.. منذ ذلك الحين هاج الشر وثارت عواصفه، وتحركت قوى الفساد والطغيان؛ لتعمل على كل جبهة وفي كل ميدان وتلاحقت معارك الصراع عبر العصور، وتتابعت موجات الحقد والعدوان عارمة عاتية ترمي -بمكر وغدر وضراوة- إلى تدمير صرح الإسلام بتقويض ركائزه، ودك قواعده، بمختلف الأسلحة، وشتى الأساليب.. حتى يتسنى لها التسلط والاستعباد، والتصرف بأوضاع البشر بمعزل عن المنهج الإلهي.. منهج السعادة الكاملة، والطهر الخالص، والعدالة التامة، والحضارة الخيّرة المثلى.. وقد سجل القرآن الكريم كثيرًا من مواقف الشر والفساد، وصوّر نماذج من بغيهم ومكرهم وأذاهم، ورسم الملامح البارزة لوسائلهم وأهدافهم بهذه الآية الكريمة:

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ، وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي

<<  <   >  >>