للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ} ١

تلك هي قضيتنا الأساسية الأولى، وتلك هي أبعاد المعركة التي نخوضها في الحياة، وهي معركة الوجود الحق عقيدة وفكرًا ومجتمعًا وأمةً.. وحضارةً ونظامًا..

ومعركتنا هذه ليست ميدانها -دائما- ساحات القتال، وليست أسلحتها -في كل الظروف- الحديد والنار، والعدو فيها -أحيانًا- خفي مستور، يتوارى خلف فكرة في سطور، فيزرع في القلوب بذور الانحراف، وينشر في الضمائر ضباب الفساد، ويتسلَّل بذلك إلى أكثر المواقع منعةً وقوةً، ويجردها من روح الصمود ويتركها بعد ذلك هدفًا مكشوفًا للسحق والتدمير..

٣- وإن من حق قضيتنا علينا: أن نكون أولاً في مستواها الرفيع، وجنود معركتها الأوفياء.. إنها معركة الإيمان الذي حقق لهذه الأمة وحدتها، وحدد لها رسالتها، ونظم لها حياتها.. هذا الإيمان الذي تحررت في ظلاله أمم وشعوب، وفتحت دول وأمصار، وعرف الإنسان به نفسه فهذبها بالخلق، وفكره فصقله بالعلم، وروحه فأحياها بالتقوى، فإذا بالمسلم -كما رباه المنهج الإلهي- طاقة حية تخضع لله، وتعيش للحق، وتموج بالنور، وتختفي من وجودها عناصر الشر، وأشباح الضلال، وتنشر في الدنيا مبادئ العدل والمساواة والسلام..

فيجب أن نكون مؤمنين إيمانًا لا يلمع في قلوبنا كلمعان السراب، ولكنه يتفجر منها كما يتفجر من جبهة الشمس نبع النور المشرق الوضاء. إنها معركة فكر.. والفكر البشري قد تقدم اليوم وارتقى، وقطع


١ البقرة: "٢٠٤-٢٠٥"

<<  <   >  >>