وحسن التعايش وصدق التعامل، لم يكونوا سوى نماذج سيئة في الدس واللؤم والمكر.. بما قاموا به من ضروب الفتن وحبك الدسائس والمكر الخفي، بل كان لهم في مهمتهم الخبيثة أعوان من المنافقين الذين تظاهروا -كذباً وزورا- بأنهم مؤمنون؛ ليتاح لهم -من خلال تظاهرهم الكاذب- أن يمارسوا مهمة تمزيق الجماعة الإسلامية، وتفريق صفوفها، وهدم دولتها، وصد الناس عن الاستجابة لدعوتها.
لم يكن المسلمون جميعا -والأمر ما يزال في أوله- على معرفة تامة بحقيقة هؤلاء الأعداء الحاقدين، الذين يجاورونهم ويعيشون فيما بنيهم، فربما أفضى إليهم بعض المؤمنين بالمودة، أو اتخذ منهم بطانة وأصحابًا اغترارًا بظاهرة حالهم ومعسول كلامهم.
إزاء هذا الواقع جاء المنهج الإسلامي يحذر المؤمنين من موالاة هؤلاء الأعداء، واتخاذهم بطانة وأصدقاء.. فهؤلاء لا يصلحون أن يكونوا كذلك، وهم لا يقصرون في أي عمل يسبب للمؤمنين الفتنة والفساد والتشويش، ويتمنون لهم كل عنت ومشقة وسوء.. وإذا لم تظهر علامات البغض والكراهية على ألسنتهم، فإن قلوبهم تتميز غيظا بالحقد على المسلمين لما يرون من ائتلافهم واجتماع كلمتهم.. وصلاح ذات بينهم..
٤- وإن من طبيعة المنحرفين عن المنهج الإلهي، الذي جاءت به دعوة الإسلام هدىً وحقًا ونورًا، أن يقفوا من قواعده الخيرة، ومقاصده السامية، موقف التحدي والعداء، وأن يحاولوا -بكل ما لديهم من وسائل- أن يوقفوا تحركه نحو صدّ غلواء الباطل، وكبح جماح الشر، وتحطيم كبرياء الهوى.. فهذه هي ركائز انحرافهم، وقواعد فسادهم، فإذا تحطمت وانهارت كان وجودهم كله على شفا جرف هارٍ. وكان مآلهم في خاتمة المطاف إلى الهلاك والدمار.. فهم إنما يصدرون -في الحقيقة-