للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن نزعة الدفاع عن هذا الوجود الفاسد المتهلهل. وإن كانوا يتخذون لذلك خطة الهجوم، وأسلوب التحدي، ويلتمسون لتحقيق مقاصدهم الخبيثة وسائل الدس والتشكيك، وإثارة الشبهات، وإدارة معارك الجدال الفارغ، والمراء العقيم، ويزعمون -إمعانًا في المكر والتضليل- أنهم رواد الحقيقة.. وأنهم موضوعيون. وأنصار البحث الدقيق، والفكر الحر.. والواقع أنهم ليسوا صادقين فيما يدعون، فهم لا يبحثون عن الحقيقة بل يكابرون فيها، ولا يودون تمحيص الموضوعات وبحثها لمعرفة الحق فيما يتعرضون له من مسائل، أو يثيرونه من قضايا وأمور.. فهم متعصبون لباطلهم، متشبثون بما هم عليه من إفك ووهم وزور.

إن هذا المسلك الذي يتسم بالالتواء والمخاتلة، وتشويه الحقائق، وإثارة الشبهات، هو مسلك أعداء هذا الدين في القديم والحديث. وتسجل وقائع التاريخ أن اليهود كانوا -في بدء الدعوة- أول من عمل على بلبلة الأفكار، وتصيد الشبهات، وشن الحملات، لإضعاف الصف المؤمن، وتمزيق وحدته، وصد الناس عن دين الله.. ولعلهم ما يزالون في عصرنا هذا، وراء هذا الغزو الفكري المعادي الذي يتحرك على أيدي المستشرقين والمستغربين لتشويه دعوة الحق، وطمس معالم النور.

٥- ثم إن من دأب أعداء الإسلام في كل عصر أن يحاولوا بكل ما في صدورهم من حقد، وما في وسائلهم من كيد، وما في رءوسهم من مكر، أن يقصوا الناس عن الهدى، ويصرفوهم عن الإيمان، ويدفعوهم في مسالك الضلال، وطرق الشر، ومهاوي الرذيلة، ودروب الغواية.. إنهم لا يحقدون على شيء كما يحقدون على هذه العقيدة الحقة النيرة، التي تحرر الفكر والوجدان، وتطهر القلوب، وتزكي النفوس، وتصحح التصورات، وتقوّم الأوضاع وتخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله الواحد الذي لا شريك له، كما تخرج البشر من إسار الطغيان، وجور

<<  <   >  >>