للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النشاط العلمي في العالم الإسلامي تصويرًا دقيقًا يحسن أن نقتبس منه السطور التالية.. قال: "كان جلة الباحثين وطلاب العلم من المسملين يرحلون في حماسة ظاهرة وسط القارات الثلاث "وهي عالم ذلك العصر" ثم يعودون إلى بلادهم كما يعود النحل محملًا بالعسل الشهي، فيجلس هؤلاء الباحثون ليرووا شغف الجماهير التي كانت تنتتظر عودتهم لتلتف حولهم، فينالوا من علومهم ومعارفهم زادًا وفيرًا، وخيرًا عميمًا، كما كان هؤلاء الباحثون يعكفون أحيانًا على تدوين ما جمعوا وما سمعوا، ثم يخرجون للناس كتبًا هي بدوائر المعارف أشبه، مع نظام وبلاغة عذبة، وهذه الكتب هي المصادر الأولى للعلوم الحديثة بأوسع ما تحتمله كلمة العلوم من معنى، وهي مرجع العلماء والباحثين، ومنها يستمدون فنونًا من الثقافة والمعرفة أعمق بكثير مما يظن الناقدون.

ومن الطبيعي أن يكون العصر العباسي الأول أنسب العصور ملاءمة للنهضة الثقافية، فمدنية الإسلام بدأت فيه تستقر بعد هدوء حركة التوسع والفتوح التي كانت طابع العصر الأموي، والثقافة تنتشر بين الأمة إذا هدأت، واستقرت أمورها، وانتظم ميزانها الاقتصادي، وجل هذا قد توافر للأمة الإسلامية بعد قيام الدولة العباسية"١.

ب- أما العصر العباسي الثاني: فقد ضاعت فيه السلطة من أيدي الخلفاء وانتقلت إلى أيدي الأتراك والبويهيين والسلاجقة فقد كان هؤلاء يسيطرون على الإدارة الحكومية في الداخل والخارج، ويدبرون الشئون العسكرية ويقومون بتدبير المسائل المالية، وقد ضعف الخلفاء أمامهم ضعفًا جعلهم يستأثرون بالنفوذ والسلطان في الدولة، ولقد أطلق المؤرخون على هذا العصر اسم العصر التركي تمييزًا له عن العصر الذي سبقه، والذي كان في أثنائه نفوذ الفرس كبيرًا.


١ انظر "التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية". للدكتور أحمد شلبي ج٣ ص٢١٣.

<<  <   >  >>