نشاط واسع يرمي إلى تخريج جيل من الفتيات المسلمات اللواتي لا يعرفن عن دينهن وتاريخهن شيئًا، ويتعلقن تعلقًا كاملاً بالحياة الغربية التي تتيح لهن أن ينطقن باسم التحرر والمساواة في تيار الفساد والانحلال، ذلك أن المرأة في أوروبا قد تحررت فعلاً.. ولكن من الدين والخلق والكرامة.. وتساوت مع الرجل في العمل الشاق المرهق، واضطرت في المجتمع الغربي المنحل أن تتبذل لتضمن الحصول على لقمة العيش.
لقد أراد المبشرون أن يخرجوا المرأة المسلمة عن عقيدتها وخلقها وكرامتها ودعوا إلى تعليمها وفق مناهجهم التربوية الخبيثة لتصبح متحررة من الإسلام، فلا تكون في المستقبل الأم المسلمة التي تغرس في أبنائها بذور العقيدة، وتنشئ فيهم روح الإيمان، وتحفزهم إلى البطولة والجهاد، وبذلك يتحقق لهم هدفهم الخطير الذي لا يفترون عن العمل لبلوغه، وهو القضاء بشتى الوسائل على كل ما يؤدي إلى إنشاء جيل مسلم يحمل رسالة الإسلام من جديد.
٢- أدرك المبشرون أن المرأة ذات أثر عميق في التربية فَأَوْلَوْهَا اهتمامًا عظيمًا، وبادروا إلى فتح أول مدرسة تبشيرية للبنات في بيروت عام ١٨٣٠، ومن ثم فتحوا مدارس كثيرة للبنات في مصر والسودان وسورية، والهند والأفغان.. وقالوا:"إن التبشير يكون أتم حبكًا في مدارس البنات الداخلية، لما يكون فيها من الأحوال المواتية والفرص السانحة، إن المدرسة الداخلية تَفْضُلُ المدرسة الخارجية؛ لأنها تجعل الصلة الشخصية بالطالبات أوثق، ولأنها تنتزعهن من نفوذ بيتية غير مسيحية، ويفرح المبشرون إذا اجتمع في مدارسهم الداخلية بنات من أسر معروفة لأن نفوذ هؤلاء يكون حينئذ في بيتهن أعظم.. وتتكلم المبشرة "أنّا ميليغان" فتقول: "في صفوف كلية البنات في القاهرة بنات آباؤهن "باشاوات"
١ الدكتور محمد محمد حسين: "الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر" ج٢ ص١٩٩.