وملامحها. ولا يعبر "جيب" عن أمنيته هذه بوضوح وأسلوب مكشوف، بل يلتمس لذلك تعبيرات لا تستطيع مهما بالغ صاحبها في المداورة واختيار الألفاظ أن تخفي الأمنية التي يطوي عليها صدره، والغاية التي يعمل على بلوغها.. فهو يقول:"والواقع أننا إذا أردنا أن نعرف المقياس الحقيقي للنفوذ الغربي، ولمدى تغلغل الثقافة الغربية في الإسلام، كان علينا أن ننظر إلى ما وراء المظاهر السطحية. علينا أن نبحث عن الآراء الجديدة والحركات المستحدثة التي ابتُكِرَتْ بدافعٍ من التأثير بالأساليب الغربية، بعد أن تهضم وتصبح جزءًا حقيقيًا من كيان هذه الدول الإسلامية، فتتخذ شكلاً يلائم ظروفها"١
٢- الدافع الاستعماري:
لما انتهت الحروب الصليبية بهزيمة الصليبين لم ييأس الغربيون من العودة إلى احتلال بلاد العرب فبلاد الإسلام، فاتجهوا إلى دراسة هذه البلاد في كل شئونها من عقيدة وعادات وأخلاق وثروات، ليتعرفوا إلى مواطن القوة فيها فيضعفوها، وإلى مواطن الضعف فيغتنموه، ولما تم لهم الاستيلاء العسكري والسيطرة السياسية؛ كان من دوافع تشجيع الاستشراق إضعاف المقاومة الروحية والمعنوية في نفوسنا، وبث الوهن والارتباك في تفكيرنا، وذلك عن طريق التشكيك بفائدة ما في أيدينا من تراث، وما عندنا من عقيدة وقيم إنسانية، فنفقد الثقة بأنفسنا، ونرتمي في أحضان الغرب نستجدي منه المقاييس الأخلاقية والمبادئ العقائدية، وبذلك يتم لهم ما يريدون من خضوعنا لحضارتهم وثقافتهم خضوعًا لا تقوم لنا من بعده قائمة.