الزمن، وتجدد أدوات الكشف، ووسائل التعليم، وليست فضيلته الكبرى أن يقعدهم عن الطلب، وينهاهم عن التوسع في البحث والنظر؛ لأنهم يعتقدون أنهم حاصلون على جميع العلوم"١.
٢- من أجل هذا لا يتصور في ظل منهج الإسلام أي ضرب من ضروب النزاع بين الدين والفكر أو العلم، كمثل ما عرفت أوروبا من نزاع طويل مرير بين العلماء وبين رجال الكنيسة، ذلك النزاع الذي انتهى في بعض أطواره إلى سيطرة نزعة الشك، ثم تفاقمت هذه النزعة حتى انتهت في بعض الحالات إلى هجر الدين أو الإلحاد، وظل الدين -في أوروبا- على أي حال ينظر بتوجس وخيفة وحذر، إلى العمل العقلي، والمسائل العلمية، خلال حقبة طويلة شملت القرون الوسطى، ثم لم ينعقد الوئام بين الدين والعلم فيما يسمى عصر النهضة، وإن فرض الواقع أن ظل رجال الدين في مواقعهم، يتلهون باستعراض صور تاريخهم الذي اتسم بالقسوة والعنف، وممارسة ضروب الاضطهاد والإيذاء للعلماء والمفكرين إلى حد القتل والإحراق، والتعذيب والحرمان، لكل من جاء بآراء ونظريات لم تحظَ منهم بالقبول، بسبب تناقضها مع أوهامهم وخرافاتهم.. ظل رجال الدين هكذا من حيث انطلق العلماء والمفكرون في مضمار البحث والعلم والكشف والاختراع والتربية والنظام، بعيدًا عن استيحاء الدين وسيطرة رجاله، واستغل الماديون منهم تلك العقدة التي شكلها تاريخ النزاع الحاد المرير بين العلماء ورجال الدين، فدعوا إلى إقامة الحياة الإنسانية على المنطق المادي وحده، وأقاموا بنيانهم الفكري والعلمي على غير قاعدة الإيمان، بل لقد جهر بعضهم بالدعوة إلى الإلحاد وإنكار الإيمان بالله، كما يرى ذلك في الفلسفة الماركسية. "إن هذا الصراع بين العلم والكنيسة، وانتصار