للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ، مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} ١.

{يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ، الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ، فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} ٢.

ب- إن الإسلام بهذا قد كرم الفرد الإنساني كرامة رائعة ينالها منذ تكوينه جنينًا في بطن أمه، وهي كرامة ينشرها منهج الإسلام على كل فرد من البشر، ذكرًا كان أو أنثى، أبيض أو أسود، ضعيفًا أو قويًّا فقيرًا أو غنيًّا، كما يصون منهج الإسلام دم الإنسان أن يسفك، أو عرضه أن ينتهك، وماله أن يغتصب، ومسكنه أن يقتحم، ونسبه أن يبدل، ووطنه أن يخرج منه أو يزاحم عليه، وضميره أن يتحكم فيه قسرًا، وتعطل حريته خداعًا ومكرًا ... فهو حمى محمي، وفي حرم محرم، ولا يزال كذلك حتى ينتهك هو حرمة نفسه، وينزع بيده هذا الستر المضروب عليه، بارتكاب جريمة ترفع عنه جانبًا من تلك الحصانة، وهو بعد ذلك بريء حتى تثبت جريمته، ولم يكتفِ الإسلام بأن عرف كل فرد حقه نظريًّا في هذه الحصانة الإنسانية، ولكنه أخذ يهيب به أن يدافع عن هذا الحق، وطفق يحرضه أشد التحريض على أن يقاتل دونه وأن يضحي بنفسه في سبيله٣.

ج- وإذا كانت الكرامة الإنسانية -كما قررها منهج الإسلام- سياجًا لحرمة الإنسان وحصانة له، وحفظًا لحقوقه، فإنها -من ناحية آخرى- روح تحمل الإنسان على أن يعرف في هذا الوجود مكانته


١ الذاريات: "٥٦-٥٨".
٢ الانفطار: "٦-٨".
٣ انظر "دراسات إسلامية في العلاقات الاجتماعية والدولية" للدكتور محمد عبد الله دراز ص٣٣.

<<  <   >  >>