للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومحكمة السماء من فوقنا، ولكل واحدة منها أمانة في أعناقنا.. وقد اشتق هذه الفكرة من تفسير قوله تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ١.

فقد جمعت هذه الآية الكريمة في هذه الكلمات القليلة أنواع السلطات القضائية التي ستتولى محاسبتنا: {لا تَخُونُوا اللَّهَ} هذه هي المسئولية الدينية. و {الرَّسُولَ} هذه هي المسئولية أمام الناس {وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ} هذه هي المسئولية الأخلاقية أمام الضمير. وإليكم نصًّا قرآنيًا يؤكد هذا المعنى ويزيده تفصيلاً، ذلك هو قوله تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} ٢.

{فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ} : هذه هي المحكمة الإلهية.

{وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} : هذه هي المحكمة الإنسانية.

{فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} : هذه هي محكمة الضمير، نمر أمامها يوم القيامة قبل أن نعرض على المحكمة الإلهية:

{وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا، اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} ٣.


١ الأنفال: "٢٧".
٢ التوبة: "١٠٥".
٣ الإسراء: "١٣-١٤".

<<  <   >  >>