للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- فإذا كان لا بد من وقوع الحرب؛ فإن الإسلام -وهو يحيطها بهذا الإطار الفريد- يوجب إعلانها وعدم أخذ الناس بها على حين غرة، تجنبًا للغدر والبدء بالعدوان، كما ينهى عن قتل الشيوخ والأطفال والنساء، ويحذر المحاربين من أي سلوك يقع فيه التجاوز على المبادئ الإنسانية والروح الأخلاقية وكرامة بني الإنسان.

قال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} ١.

وقال عز وجل: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} ٢.

ولم يدع الإسلام الحرب تشتعل وتمتد؛ فتسيطر على النفوس والعقول، وتدفعها في تيارها اللاهب المدمر، وتقذفها في أتون الحقد والكراهية بغير وازع من رحمة، أو رادع من خلق، أو رعاية لحق الإنسان في الحياة، أو حفاظ على نفسه وماله وكرامته وحريته.. بل وضع للحرب أغراضًا لا يصح تجاوزها، وأخلاقًا لا يجوز التفريط بها، وقواعد وأحكامًا لا يقبل من المسلم أن يتعدى حدودها وإلا كان مسئولًا عن ذلك محاسبًا ومعاقبًا عليه.. وبذلك لم يدع الإنسان المحارب الذي يجاهد في سبيل الله لنزعات نفسه، وسلطان هواه، ولم يدع للحرب -بطبيعتها القاسية الضارية- أن توجهه وتتحكم فيه؛ بحيث يباح له في ظروف الحرب أن يظلم ويعتدى، وينفك عن الرحمة، وينخلع من


١ البقرة: "١٩٠".
٢ البقرة: "١٩٤".

<<  <   >  >>