للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥- لا يعرف الإسلام -فيما يضع من قواعد المعاملة مع غير المسلمين- ما يسمى بالحقد الديني، وذلك أن القضية في اختلاف الدين -في ميزان الإسلام- إنما ترجع إلى أن هذا الاختلاف هو من سنن الله تبارك وتعالى في خلقه كما قال عز وجل: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ، إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} ١.

ويقول سبحانه -مخاطبًا رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم:

{وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} ٢.

وعلى هذا فقد أدرك المسلمون أن القرآن الكريم يربيهم بذلك على التسامح وسعة المخالفين لهم والإحسان إليهم، وينهاهم عن أن يحملوا إى كراهية لهم أو حقد عليهم، أو أن ينالوهم بأي إساءة بسبب مخالفتهم لهم في الدين، ما دام مرد هذا الاختلاف إلى سنة الله عز وجل في خلقه.

ومن هنا نرى الإسلام يصون حرية الاعتقاد، ويأبى أن يرغم المسلمون أحدًا على ترك دينه واعتناق الإسلام. وفي ذلك يقول عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم:

{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} ٣.

وعلى هذا فإن الإسلام يأبى أن يُكْرِه الضمائر، ويعوق حرية العقيدة، بل إنه يقف في وجه من يعترض طريق هذه الحرية، ويعرض الناس للفتنة. وليس معنى ذلك أن هداية مخالفيه لا تهمه، فالحقيقة أنه يحرص على هذه الهداية، ولكنه يرى أن الطريق إليها؛ إنما يتم بالدعوة إلى


١ هود: "١١٨-١١٩".
٢ يوسف: "١٠٣".
٣ يونس: "٩٩".

<<  <   >  >>