التوقي والحذر إلا باتباع منهج الإسلام الكامل في أوامره ونواهيه، وأحكامه وآدابه، وبيع النفوس رخيصة في سبيل الله، واحتمال ما يلقاه المجاهدون في معارك عقيدتهم من شدة وبلاء، ومحن وإيذاء، إيثارًا لما عند الله، وسعيًا لما يحبه ويرضاه.
ولقد جاء وحي الله تبارك وتعالى يذكر المؤمنين الذين أنزلت عليهم آياته بصورة من صور ضعفهم -في فجر الدعوة- قبل أن يوجههم إلى قتال أعدائهم من المشركين، فيصور لهم كيف كانوا وجلين خائفين، يخشون أن تمتد إليهم أيدي أعدائهم بما ينال منهم، ويفرق جمعهم، ثم كيف أكرمهم الله بعد ذلك بالأمن والقوة والنصر، والرزق الطيب والمتاع الكريم.
لقد كان ذلك تحولاً ضخمًا في تاريخ هذه الجماعة التي تحمل أمانة الدعوة، فهو انتقال من الضعف إلى القوة، ومن العسر إلى اليسر، ومن الخوف إلى الأمن، ثم من الترقب والحذر، والخشية من الأعداء إلى الإقدام والاندفاع، والنصر الحاسم المبين. قال سبحانه:
٦- ثم إن من شأن هذه الدعوة -بما فيها من نهج التحرير وروح التطهير- أن تواجه الواقع البشري في الأرض بما يصلحه ويقوم اعوجاجه، ويستأصل جذور الفساد والشر فيه، حتى تكون كلمة الله هي العليا، ويذعن الناس لسطان الله، ويقروا بالحاكمية له وحده سبحانه، وليست تتم هذه المواجهة الشاملة إلا بتوافر أسباب القوة، وإعداد العدة، وامتلاك كل الوسائل التي تفضي على جميع القوى الطاغية، المناوئة للخير،