للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٣- ومن الحقائق الراسخة في دعوة الإسلام أنه ليس يستقيم أمر البشر في هذه الحياة إلا باتباع هدى الله، فهو منهج الحق الكامل، وشرعة العدل الشامل، وهو أمانة الله، وسبيل السعادة الخالصة للناس في الدنيا والآخرة، وهذا المنهج الإلهي القويم حق في ذاته، ومصدره، ووسائله وغاياته، وهو منسجم أروع انسجام مع الفطرة الإنسانية الخيرة، وأشواق الإنسان وحاجاته وتطلعاته..

وإن تحقيق هذا المنهج الراشد في حياة البشر -عقيدة وعبادة، وفكرًا وسلوكًا، وتشريعًا ونظامًا- يقتضي من المؤمنين العاملين على إقامته في الأرض أن يكونوا في مستواه الرفيع، وآفاقه السامية.. ذلك أمر يحملهم في الفكرة والحركة والسلوك على الارتفاع فوق جواذب المغانم، ويحفزهم إلى احتمال أشد المغارم.. لا بد لهم إذا أرادوا أن يؤكدوا صدق انتمائهم لهذه الدعوة، وعمق ولائهم لهذه الرسالة أن يجاهدوا نفوسهم وأهواءهم، وأن يجادلوا خصومهم وأعداءهم وهم في ذروة الاستعداد للبذل والتضحية والفداء، واحتمال المصاعب، والصبر على الشدائد، والنهوض بالأعباء، مهما بَعُدَت الشقة، وطال الطريق، وبلغ مكر الأعداء.. فذلك هو طريق الإيمان الخالص والجهاد الصادق. وهو دليل العبودية الحقة، والاستجابة الصحيحة لدعوة الحياة الطيبة الكريمة، والسبيل الذي ينتهي بسالكيه إلى النصر والتمكين في هذه الحياة، والفوز والنعيم في دار الخلود.

١٤- وإن هذه الدعوة التي كلف الله تبارك وتعالى المؤمنين بحمل أمانتها، وشرفهم بالانضواء تحت رايتها، وأرشدهم إلى النهوض بمقتضى رسالتها.. تحتاج -ولا شك- إلى تعبئة النفوس المؤمنة تعبئة عالية، وإعدادها للمضي في الحياة بقوة وعزم وثبات لتأييد الحق وإعلانه، وهدم الباطل وخذلانه، وإقامة صروح العدل، وتحرير البشرية من

<<  <   >  >>