للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتعاون المثمر الخير، ولا ينظر هذا الفكر الغربي -الذي سيطرت عليه المادية- إلى الدين من زاوية حقيقته الأصيلة التي تقرر أنه فطرة إنسانية؛ كما أنه ضرورة اجتماعية؛ فهو الذي يؤكد الإيمان بقيمة الفضيلة وكرامة الإنسانية، وليست تداني سلطانه على النفس أي سلطة أو قوة أو نظام١.

ب- لقد التبس في أذهان هؤلاء الدين الحق بالأديان الباطلة سواء منها الوثنيات التي عرفتها البشرية في أديان الفرس والإغريق والهنود، والعرب في جاهليتهم، والتي لا تعدو أن تكون ضروبًا من الخيالات والأساطير والأوهام، أو الوثنيات الأخرى التي وجدت نتيجة الانحراف عن عقيدة التوحيد. كما جاء بها موسى وعيسى عليهما السلام؛ هذا الانحراف الخطير الذي نجم عنه ذلك التصور الفاسد لحقيقة العقيدة وأثرها في حياة البشر..

ولقد جهلوا الإسلام، الدين الحق، الذي يسمو بالإنسان عن هذه التصورات الفارغة، التي جاءت بها العقائد الوثنية التي اصطبغت بها ديانة العرب في جاهليتهم، والفرس واليونان والهنود، والتصورات الخرافية التي تحولت إليها -نتيجة التغيير والتزوير- اليهودية والنصرانية.

ولو أمعنوا النظر، وطرحوا التعصب، وبحثوا بتجرد كامل في حقيقة الإسلام؛ لعرفوا أنه ليس قضية ميتافيزيقية محضة؛ يستوي في ذلك مع الأديان الباطلة والمحرفة، والفلسفات المختلفة التي تضرب في تيهٍ من الأوهام والجدال العقيم؛ بل هو الدين الذي جاء لينقذ البشرية كلها من الركام الذي كان ينوء بأفكارها


١ انظر كتاب "الدين" للدكتور محمد عبد الله دراز ص٩١.

<<  <   >  >>