للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ١.

وقال سبحانه:

{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الأرض الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ} ٢.

٢- وميزة هذه الصلة بالله أنها شاملة تعم جميع طاقات الإنسان وقواه، وتملأ بالخير والبر ووضوح الرؤية وصحة العلم ونبل الغاية كل جانب من جوانب هذه القوى والطاقات، بل إنها لا تَفصِل جانبًا عن جانب؛ لأن في هذا الفصل تمزيقًا خطيرًا للإنسان الذي خلقه الله كيانًا متصلًا مترابطًا في جسمه وروحه وعقله في أصل الفطرة الإنسانية.

قال تعالى:

{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} ٣.

فهذه الصلة بالله من شأنها أن تمتّن أواصر العلاقة بين هذه الطاقات نفسها، وبينها وبين عقيدة الإنسان ووظيفته في الحياة؛ بحيث تكون كلها متحركة فعّالة -في تعاون وتآزر وإيجابية ووحدة غاية- لا تعمل واحدة وتتعطل أخرى، أو تنطلق إحداها في اتجاه مخالف لاتجاه سواها، فإذا الإنسان مجموعة من الطاقات المتدابرة المختلفة المتصارعة، كما هو حاله اليوم في قبضة النظم المنحرفة التي زورت طبيعة الإنسان وشوَّهت


١ الحج: "٥-٦".
٢ السجدة: "٢٧".
٣ الروم: "٣٠".

<<  <   >  >>