تتوافر لها عناصر أساسية، تبث فيها روح الحياة، وتجعلها دانية الثمرات وافية الخِصْبِ والإنتاج، ولعل في مقدمة هذه العناصر وأكثرها فعالية في سير الدعوات ونجاحها، وتقدُّمِها الطاقة البشرية؛ لأن الإنسان -بما حباه الله من مواهب وملكات- يستطيع أن يمنح الفكرة التي يؤمن بها قوة تنقلها من حيِّز التجريد إلى ساحة الحركة، فتكتسب الفكرة بذلك مضمونًا حيًا واقعيًا، يتفاعل مع السلوك، ويحدث تأثيرًا كبيرًا في حياة الفرد والمجتمع، ويمتد ذلك التأثير إلى جوانب الحياة الإنسانية امتدادًا يتناسب اتساعًا وعمقًا مع ما يبذله الأفراد من جهد، ويقدمونه من عمل، فإذا كانت الفكرة صحيحة سليمة طيبة الوسيلة نبيلة الغاية؛ وأضيف إليها صدق الدعوى لها وإخلاص العمل على نشرها، كانت الغرسةَ التي أصابت أرضًا خِصْبَةً ووافاها الماء الغزير والجو المواتي فنمت وأينعت وأنبتت من كل زوج بهيج.
٢- من أجل هذا عني الإسلام عناية كبيرة بتربية الإنسان تربية متكاملة، تحرر عقله، وتهذب نفسه، وتطهر وجدانه، وتوازن بين ضرورات جسمه وأشواق روحه، وتزوده بحوافز الخير وتنمي فيه بواعث الإيمان؛ لتحوله بعد ذلك إلى إنسان تملأ عليه عقيدته جوانب حياته، فيضع لنشرها وبث تعاليمها وإعلاء شأنها كل قواه وملكاته، لا يبتغي من وراء ذلك جزاءً ولا شكورًا ولايرمي إلى عرض من أعراض الحياة الدنيا، فَحَسْبُهُ أن يؤدي حق الله عليه بصدق وتجردٍٍٍٍ وإخلاص، ويكون في مرتبة من أثنى الله تبارك وتعالى عليهم بقوله: