للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ودعامة تآزر وتناصر؛ كانت إحدى القيم الإسلامية الكبرى التي أنعم الله بها على هذه الأمة، وعمّقت في فكر المؤمن ووجدانه روح الاعتزاز بهذا الإسلام، وشدة الحرص على دعوته، والعمل على ما يقوي كيان المؤمنين بها المنضوين تحت لوائها١.

ج- كان زيد بن حارثة مولىً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجه بنت خالته زينب بنت جحش الأسدية، كما آخى بينه وبين عمه حمزة بن عبد المطلب، وجعله الأمير الأول في غزوة "مؤتة" يليه ابن عمه جعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة الأنصاري؛ فجعل بذلك قيمة العقيدة فوق أي قيمة أخرى من قيم النسب والعصبية..

ثم كان آخر عمل من أعماله صلى الله عليه وسلم أن أمَّرَ أسامة بن زيد على جيش لغزو الروم، يضم كثرة من المهاجرين والأنصار؛ فيهم أبو بكر وعمر وغيرهما من كبار الصحابة والسابقين إلى الإسلام، وقد تململ بعض الناس من إمارة أسامة وهو حدث، وفي ذلك قال ابن عمر رضي الله عنهما: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثًا أمّرَ عليهم أسامة بن زيد رضي الله عنهما؛ فطعن بعض الناس في إمارته؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن تطعنوا في إمارته؛ فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل. وايم الله إن كان لخليقًا للإمارة، وإن كان لمن أحبِّ الناس إلي، وإن هذا لمن أحبِّ الناس إليّ" ٢.

وقد بادر أبو بكر رضي الله عنه بعد توليه الخلافة إلى إنفاذ بعث أسامة، وسار يودعه بنفسه إلى ظاهر المدينة، وكان أسامة راكبًا فاستحيا أن يشيعه الخليفة راجلًا فقال "يا خليفة رسول الله لتركبَنَّ أو لأنزلنَّ"؛ فقال أبو بكر: "والله لا تنزل ولا أركب. وما عليَّ أن أغبِّر قدميَّ في سبيل الله ساعة" ثم


١ انظر: "المسألة الاجتماعية بين الإسلام والنظم البشرية" للمؤلف ص٢٠٦
٢ أخرجه الشيخان والترمذي

<<  <   >  >>