الحقائق الجلية الثابتة، ولا تقوم إلا على اليقين الجازم، وهي متسمة بالوضوح والصدق والعمق، وتقيم -من حيث الاعتقاد والتفكير- لدى البشر جميعًا.. التصور الصحيح الدقيق المتكامل للكون والإنسان والحياة.
إن منهج الإسلام -في ارتكازه على الحقائق اليقينية الهادية- يربط الحقائق المفردة في الكون والحياة ربطًا يصلها بأجل حقيقة وأكبرها وهي العقيدة..؛ وبذلك لا يدع هذه الحقائق المبثوثة أمام العقل الإنساني والشعور والضمير، ضروبًا من المعرفة الجامدة، والمعلومات المجردة، التي لا روح فيها ولا حياة لها -كما تحاول خرافة "المنهج العلمي" أن تصنع- بل يبث منهج الإسلام في هذه المعارف والمعلومات، والحقائق الظاهرة والمضمرة حياة تفتح البصائر، وروحًا توقظ الضمائر، ويزودها بالتأثير العجيب الذي يعمق أوثق أواصر الصلة بين الحقائق الهادية، والعقول المستنيرة، والقلوب المتفتحة للإيمان والخير.
"وهذه الوصلة بين القلب البشري وإيقاعات هذا الكون الهائل الجميل.. هذه هي الوصلة التي تجعل للنظر في كتاب الكون والتعرف إليه أثرًا في القلب البشري، وقيمة في الحياة البشرية، هذه هي الوصلة التي يقيمها القرآن بين المعرفة والعلم، وبين الإنسان الذي يعرف ويعلم، وهي التي تهملها مناهج البحث التي يسمونها "علمية" في هذا الزمان؛ فتقطع ما وصل الله من وشيجة بين الناس والكون الذي يعيشون فيه. فالناس قطعة من هذا الكون لا تصح حياتهم ولا تستقيم إلا حين تنبض قلوبهم على نبض هذا الكون، وإلا حين تقوم الصلة وثيقة بين قلوبهم وإيقاعات هذا الكون الكبير"١.
وإذا كنا نلح اليوم على هذه المفاهيم الإسلامية، ونلقي المزيد من النور على حقائقها الكبرى؛ فليست الغاية من ذلك توسيع آفاق المعرفة بها فحسب، وتثقيف العقول برصيدها الفكري الضخم.