للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن المعرفة والثقافة وسيلتان لغاية أبعد، وهدف أكبر. وهل ثمة أجلّ وأسمى من أن تستحيل المعرفة إلى طاقة محركة، وقوة دافعة، تصبغ الواقع الإنساني في إطار الضمير والشعور والسلوك بصبغة هذه المفاهيم النقية الخيرة.. وتتمثل في حياة البشر نظامًا وخلقًا، وجهادًا وحكمًا، وقيادة صالحة، تحمل مشاعل الحق والنور لهذه الإنسانية التي وضعتها المفاهيم الضالة المنحرفة على حافة هاوية الدمار الرهيب ... ؛ فينبغي أن تنقلب هذه المفاهيم واقعًا بشريًّا حيًّا، ونماذج إنسانية فعالة حتى لا تكون كالماء المسفوح على قيعان لا تمسكه ولا تنتفع به. وقد أوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم العلاقة الوثيقة بين المعرفة والعمل، وضرورة توافر الأمرين معًا في هذا المثل الحي الجميل:

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَثَلُ ما بعثني اللهُ به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير، أصاب أرضًا؛ فكان منها نقيةً قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادبُ أمسكت الماء؛ فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى؛ إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تنبتُ كلأً؛ فذلك مَثَلُ من فقهُ في دين الله ونَفَعهُ ما بعثني الله به فَعلِمه وعلَّمه، ومثل مَنْ لم يرفع بذلك رَأسًا، ولم يقبل هُدى الله الذي أُرسلتُ به" ١.


١ رواه الشيخان

<<  <   >  >>