للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمانة الله تبارك وتعالى، ودستوره الخالد للبشر، وسبيل السعادة الكاملة لهم في الدنيا والآخرة، وهي -بأصولها الكبرى وأهدافها المثلى- المنهج السوي القويم الذي لا تصلح الحياة الإنسانية إلا به، ولا يستقيم أمر البشر إلا بهداه، وهي حق في ذاتها ومصدرها، ووسائلها وغاياتها، عميقة في دلائلها وآثارها، متلائمة أوثق التلاؤم مع فطرة الإنسان وأشواقه وحاجاته.

وإن في حياة كل أمة مواقف حاسمة، حين تقف على مفترق طرق مختلفة، ينتهي أحدها بالأمة إلى العزة والمنعة والنصر، ويؤول بها إلى مدارج القوة والكرامة والمجد.. وتؤدي بها السبل الأخرى إلى الذل والضعف والهزيمة، وتقذف بها إلى مهاوي الضياع والتيه والدمار.. وعلى ضوء اتخاذ الموقف الملائم، وحسن الاختيار بسلوك الصراط السوي، تصنع الأمة تاريخها، وتحدد معالم مستقبلها، وتبني صروح أمجادها، أما إذا جانبت الصواب، وانحرفت عن الطريق المستقيم، واستهواها ما في الطرق الملتوية من مظاهر خادعة تميل إليها النفوس، ويغري بها حب الإنسان للدعة والراحة وخفض العيش، وعزوفه عن السير في الطرق الصعبة، واقتحام العقبات، واحتمال الأعباء؛ فإن إيثار السير في هذه السبل -على ما بها من مشوّقات- لا يصل بالأمة إلى ما ينبغي أن تطمح إليه من أهداف كبيرة، وأمجاد رفيعة، ووجود صحيح، إن لم تعرضها للانهيار والانحلال وذل الأبد وسوء المصير.

وفي المنهج الإلهي الذي يرسم للبشر خطة السير الصحيح، وسلوك السبيل الأقوم في الحياة؛ لتحقيق أسمى الغايات، وإدراك السعادة الكاملة للأفراد والجماعات بيان لهذه الحقيقة، وتصوير لما ينتظر المنحرفين عن سبيل الحق من تفرق وتمزق وهلاك محتم.

قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ١.


١ الأنعام: ١٥٢

<<  <   >  >>