للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حوله، ويتيه في مسالك الشيطان، وهي مسالك العقيدة الباطلة والفكر المنحرف، والسلوك الفاسد.

قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ، وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا، فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ، سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} ١.

فالفطرة البشرية -كما أنشأها الله عز وجل- محكومة بذلك الناموس الذي تصرفه المشيئة الإلهية، وهو ناموس التوحيد؛ فهي تدركه بطبيعتها؛ لأنه مستقر في صميمها، وهي تتجه وفق مقتضاه، وتتصرف بما يوحي إذا عَرِيَتْ عن التشويه والخلل، ولم تفسد بفعل الأهواء العارضة؛ فإذا سيطر الهوى على الفطرة فنالها بالتشويه والإفساد؛ كان من نتيجة ذلك أن ينحرف الإنسان عن الهدى، وتستغرق نزعات الشيطان، وينسلخ من آيات الله، ويضل سواء السبيل، وينزلق إلى حضيض الضعة، ويهبط إلى عالم الحيوان.

وإن من فضل الله تبارك وتعالى على هذا الإنسان أن زوده إلى جانب هذه الفطرة الصافية النقية، بالعقل الواعي الذي من شأنه أن يميز الحق من الباطل، والطيب من الخبيث، وبالعين المبصرة التي تشهد دلائل الهدى في الكون والحياة، وبالأذن المدركة التي تسمع ما يتلى عليها من عظات وتوجيهات.. فمن سلمت فطرته، وتيقظت بصيرته، واستخدم ما أنعم الله عليه من وسائل المشاهدة،


١ الأعراف: ١٧٥-١٧٨

<<  <   >  >>