للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال:

{فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} ١.

د- إن الارتفاع إلى مستوى الرسالة، والإخلاص في العمل، ووضوح الغاية، وسلامة القصد، يُزَوِّدُ المؤمن بطاقة عظيمة تحرِّكه للقيام بالواجب، وتهون عليه ما يلقى من المتاعب، وقدوة المسلم في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد قام بأمر الله يبلغ الدعوة، ويصدع بالحق، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، وينفذ أحكام الإسلام بصدق وأمانة وإخلاص على أكمل الطرق وأتمِّها.. لم يصرفه عن ذلك ما لقي من التحدي والمقاومة والإعراض، ولم توهن السيوف التي سلت في وجهه ووجوه أصحابه من صدق عزيمته وقوة إرادته.. وكان ملاذه الدائم العمل على ما يرضي الله عز وجل، وإن سخط عليه الناس أو نالوه بمساءة وأذى.

لقد توجه إلى الله بدعاء خاشع رائع يوم حصبه المشركون في الطائف بالحجارة، وأوصدوا دون دعوته قلوبهم وأسماعهم؛ فقال: "اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، أنت ربي، إلى مَنْ تَكِلُنِي؟ إلى بَعِيدٍ يَتَجَهَّمُنِي؟ أم إلى عدوٍّ ملكتَهُ أمري؟ إن لم يكن بك عليَّ غضبٌ فلا أبالي، ولكنَّ عافيتكَ هي أَوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك، أو يحل عليَّ سخطك، لك العتبى حتى تَرْضَى، ولا حول ولا قوة إلا بالله"


١ آل عمران: "٢٠".
٢ رواه الطبراني.

<<  <   >  >>