«فِي قِصَّةِ الْعُرَنِيِّينَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ فِي طَلَبِهِمْ قَافَةً، فَأَتَى بِهِمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ الْقَافَةِ وَالِاعْتِمَادِ عَلَيْهَا فِي الْجُمْلَةِ. فَاسْتَدَلَّ بِأَثَرِ الْأَقْدَامِ عَلَى الْمَطْلُوبِينَ. وَذَلِكَ دَلِيلٌ حِسِّيٌّ عَلَى اتِّحَادِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَجْرَى الْعَادَةَ بِكَوْنِ الْوَلَدِ نُسْخَةَ أَبِيهِ.
وَقَدْ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ.
قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ: " أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - دَعَا الْقَافَةَ فِي رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِي الْوُقُوعِ عَلَى امْرَأَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ. وَادَّعَيَا وَلَدَهَا فَأَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِأَحَدِهِمَا ".
قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخَذَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَمَنْ بَعْدَهُ بِنَظَرِ الْقَافَةِ فِي مِثْلِ هَذَا. وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ مُتَّصِلٌ فَقَدْ لَقِيَ عُرْوَةُ عُمَرَ. وَاعْتَمَرَ مَعَهُ.
وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ تَوْبَةَ الْعَنْبَرِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: اشْتَرَكَ رَجُلَانِ فِي طُهْرِ امْرَأَةٍ. فَوَلَدَتْ. فَدَعَا عُمَرُ الْقَافَةَ. فَقَالُوا: قَدْ أَخَذَ الشَّبَهَ مِنْهُمَا جَمِيعًا. فَجَعَلَهُ عُمَرُ بَيْنَهُمَا ". وَهَذَا صَحِيحٌ أَيْضًا.
وَرَوَى يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَجَاءَهُ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ فِي غُلَامٍ، كِلَاهُمَا يَدَّعِي أَنَّهُ ابْنُهُ، فَقَالَ عُمَرُ: اُدْعُوَا لِي أَخَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَجَاءَ، وَأَنَا جَالِسٌ، فَقَالَ: اُنْظُرْ: ابْنَ أَيِّهِمَا تَرَاهُ؟ فَقَالَ: قَدْ اشْتَرَكَا فِيهِ جَمِيعًا، فَقَالَ عُمَرُ: لَقَدْ ذَهَبَ بِك بَصَرُكَ الْمَذَاهِبَ، وَقَامَ فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ، ثُمَّ دَعَا أُمَّ الْغُلَامِ - وَالرَّجُلَانِ جَالِسَانِ، وَالْمُصْطَلْقِيُّ جَالِسٌ - فَقَالَ لَهَا عُمَرُ: ابْنُ أَيِّهِمَا هُوَ؟ قَالَتْ: كُنْتُ لِهَذَا، فَكَانَ يَطَؤُنِي، ثُمَّ يُمْسِكُنِي حَتَّى يَسْتَمِرَّ بِي حَمْلِي، ثُمَّ يُرْسِلُنِي حَتَّى وَلَدْتُ مِنْهُ أَوْلَادًا، ثُمَّ أَرْسَلَنِي مَرَّةً، فَأُهْرِقَتْ الدِّمَاءُ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ، ثُمَّ أَصَابَنِي هَذَا، فَاسْتَمْرَرْتُ حَامِلًا، قَالَ: أَفَتَدْرِينَ مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ؟ قَالَتْ: مَا أَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ؟ قَالَ: فَعَجِبَ عُمَرُ لِلْمُصْطَلْقِيِّ قَالَ لِلْغُلَامِ: خُذْ بِيَدِ أَيِّهِمَا شِئْتَ، فَأَخَذَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا وَاتَّبَعَهُ ".
وَرَوَى قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ - فِي رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِي طُهْرِ امْرَأَةٍ، فَحَمَلَتْ غُلَامًا يُشْبِهُهُمَا - فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ " فَدَعَا الْقَافَةَ، فَقَالَ لَهُمْ: اُنْظُرُوا فَنَظَرُوا، فَقَالُوا: نَرَاهُ يُشْبِهُهُمَا، فَأَلْحَقَهُ بِهِمَا، وَجَعَلَهُ يَرِثُهُمَا وَيَرِثَانِهِ، وَجَعَلَهُ بَيْنَهُمَا ".
قَالَ قَتَادَةُ: فَقُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: لِمَنْ عَصَبَتُهُ؟ قَالَ: لِلْبَاقِي مِنْهُمَا.
وَرَوَى قَابُوسُ بْنُ أَبِي ظَبْيَانِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ " أَنَّ رَجُلَيْنِ وَقَعَا عَلَى امْرَأَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ، فَجَاءَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute